
أطلقت فرنسا يوم الاثنين مناوراتها البحرية عالية الكثافة "بولاريس 2025"، جالبة بذلك قوتها العسكرية وتعاونها مع حلفائها إلى المحيط الأطلسي. ويتضمن سيناريو التدريبات هجمات على الموانئ البحرية الفرنسية، وحربًا بحرية متعددة الجنسيات، وعمليات برمائية قبالة السواحل البريطانية والفرنسية.
وبحسب بيان لوزارة الدفاع، فإن مناورات بولاريس 25 ستستمر حتى 15 يونيو/حزيران المقبل، وخلال هذه الفترة سيتم نشر أكثر من 3.000 آلاف جندي فرنسي وأجنبي، وأكثر من 20 سفينة حربية سطحية وأكثر من 40 طائرة. وفي المراحل النهائية من التدريبات، ستجري قوة مهام مكونة من خمس حاملات طائرات هليكوبتر برمائية والسفن الحربية المرافقة لها قتالاً بحرياً ضد عدو افتراضي.
ركزت مناورات بولاريس الأولى التي أجرتها فرنسا في عام 2021 بشكل أساسي على البحر الأبيض المتوسط. ويأتي هذا التمرين في إطار خطة البحرية الفرنسية لتعزيز جاهزيتها للقتال عالي الكثافة. ورغم أن مناورات بولاريس 25 لهذا العام ستضم عددا أقل من الأفراد بسبب غياب حاملة الطائرات شارل ديغول وطاقمها الذي يبلغ عدده نحو 1.200 فرد، فقد تضاعفت مدتها وأصبحت تشمل المزيد من الشركاء الدوليين.
وقالت البحرية في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني إلى موقع Defense News: "إن تمرين بولاريس 25 يضع قوتين متناظرتين ضد بعضهما البعض في سيناريو لعب حر في ظل ظروف قريبة من الواقع". وجاء في البيان: "تتميز بولاريس 25 بمرحلتها الأولى المخصصة للعمل الهجين في الهجوم والدفاع وحجم الموارد المنتشرة على طول ساحل المحيط الأطلسي".
وبحسب بيان لقيادة القوات البحرية، فإن التمرين سيتضمن مواضيع تدريبية جديدة، وخاصة العمليات البرمائية، وحماية القواعد والمنافذ البحرية ضد التهديدات الزمنية والهجينة. سيتطور سيناريو التمرين من الصراع الأولي إلى مواجهة أكثر تعقيدًا.
اتخذت البحرية الفرنسية عدة خطوات لتعزيز جاهزيتها القتالية في الأشهر الأخيرة. وتشمل هذه الخطوات اختبارًا حيًا لقارب مسير متفجر أحادي الاتجاه، وإطلاق طوربيد ثقيل من طراز F21 على سفينة حربية خارج الخدمة، واختبار صدمة عن طريق تفجير لغم بحري بالقرب من الفرقاطة كوربيه من فئة لافاييت أثناء الإبحار مع طاقم كامل. يركز الأدميرال نيكولا فوجور، قائد البحرية الفرنسية منذ سبتمبر 2023، على تعزيز القوة وزيادة قدرتها على القتال المباشر.
وبحسب المعلومات التي قدمتها البحرية، فإن المرحلة الأولى من مناورات "بولاريس 25" ستستمر حتى 26 مايو/أيار المقبل، وستنفذ بمشاركة القوات الفرنسية فقط. وقالت البحرية إن هذا الجزء من التدريبات سيركز على الدفاع عن القواعد البحرية الفرنسية ضد الهجمات الهجينة مثل عمليات الكوماندوز أو ضربات الطائرات بدون طيار. وأكدت البحرية أن عامل المفاجأة كان مهمًا لإبقاء التدريبات واقعية، لكنها امتنعت عن مشاركة تفاصيل السيناريو. ومع ذلك، ذكرت وثيقة عرض أعدت لـ "بولاريس 25" أن الإجراء الأول سيستهدف الموانئ البحرية في بريست وشيربورغ، وأنه سيتم استخدام عناصر مثل الهجمات الإلكترونية والطائرات بدون طيار والألغام البحرية.
وتبدأ المرحلة الثانية من التدريبات بتشكيل قوة مهام دولية في غرب المحيط الأطلسي، بمشاركة سفن برمائية من فرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا وإيطاليا تحمل كتيبة من الجيش الفرنسي وطائرات هليكوبتر وقوات بريطانية وإسبانية وإيطالية وبرازيلية. وسترافق هذه المجموعة البرمائية فرقاطات فرنسية وإسبانية وهولندية وقوارب دورية بريطانية. وستكون الغالبية العظمى من الطائرات مصنوعة في فرنسا، ويمكن أن تشمل طائرات رافال التابعة للبحرية وطائرات التزود بالوقود من طراز إيرباص، وفقًا للبحرية. وستقوم هذه القوة الدولية، التي أطلق عليها اسم "القوة الزرقاء"، بتنفيذ عملية برمائية قبالة ساحل ديفون في جنوب غرب إنجلترا في الفترة من 1 إلى 6 يونيو/حزيران، وفقًا لوثيقة العرض. وستتبع هذه العملية معركة بحرية تستمر خمسة أيام مع القوة المعارضة، والتي يطلق عليها "القوة الحمراء"، والتي تتكون من فرقاطات فرنسية وإيطالية وهولندية وطائرات تابعة للبحرية الفرنسية. وأشارت البحرية أيضًا إلى أن الغواصات النووية الهجومية الفرنسية يمكن دمجها في قوة واحدة أو كلتا القوتين وأن تكوين قوات المهام المتعارضة يمكن أن يختلف.
وجاء في الوثيقة الترويجية أن المرحلة النهائية من التدريبات ستبدأ في 11 يونيو/حزيران المقبل، وسيتم تنفيذ عملية برمائية على شواطئ المحيط الأطلسي. يُظهر إشعار للطيارين أصدرته هيئة الطيران المدني الفرنسية بموجب بولاريس 25 منطقة حظر حركة المرور فوق خليج بسكاي، تمتد من مصب نهر جيروند إلى بايون، بالقرب من حدود فرنسا مع إسبانيا. ويشير هذا إلى عملية إنزال محتملة على طول الشواطئ الرملية الطويلة التي ضربتها الأمواج في منطقة التدريبات هذه.
وأكدت البحرية أن عمليات القتال البحري والإنزال ستتبع نهجًا "متعدد البيئات ومتعدد المجالات" يدمج الأصول الفضائية والسيبرانية والمعلوماتية. وستعزز مناورات بولاريس 25 قدرات القتال في الوقت الفعلي من خلال تضمين القواعد والموانئ في المناورة، كما ستساعد في توفير تفكير جديد في التعامل مع الاضطرابات التكنولوجية والبشرية، وفقًا للبحرية. وأضافت أن التدريبات تعد أيضًا جزءًا من مشاركة مشتركة مع الحلفاء الأوروبيين وحلف شمال الأطلسي لتأمين أوروبا. توفر مناورات بولاريس 25 منصة حيوية لاختبار وتحسين جاهزية فرنسا وحلفائها للحرب البحرية عالية الكثافة.